محمد حنون
اختلفت وجهات نظر العديد من دول المنطقة والعالم وفي النطاق المحلي ايضا" وبرزت قناعات مختلفة بعضها مؤيد للرد العسكري باعتباره خطوة بالاتجاه الصحيح حتى وان اختلف البعض مع الإيرانيين وآخر مشكك ويجده محاوله إيرانية لذر الرماد في العيون وتحقيق انجازات وبطولات وهمية يراد منها إبراز الدور الإيراني على مستوى المنطقة والشرق الاوسط والعالم وكعادتها الطبيعية فأن المواقف السياسية الدولية والمحلية التي برزت بعد الرد الإيراني كانت تقف خلفها جملة من التداخلات السياسية المرتبطة بالتحالفات او التوافقات او العقائد او المصالح من مبدأ اعداء اعدائي هم اصدقائي .
بغض النظر عما ذهبت إليه المواقف المحلية والدولية بين التشكيك والتأييد للرد الايراني استنادا" للعواطف والمبررات لابد من الذهاب إلى عمق الحقيقية والابتعاد عن جوهر الخلاف العقائدي والسياسي مع الإيرانيين وقول كلمة الحق ان مجرد التفكير والتخطيط بهذا الرد العسكري واسع النطاق وبهذا العدد الكبير من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرَة إنما هي رسالة تؤكد منهج جديد للتعامل مع غطرسة الإسرائيليين والامريكان ومواجهة تواجدهم المريب في المنطقة.
هذا المنهج القائم على طول ذراع وقدرة الوصول الى الأهداف العسكرية وإمكانية التدمير الشامل للبنى التحتية للكيان الغاصب بعد ان تعودت قياداته ان تضرب وتدمر وتمارس القتل والترويع وانتهاك المقدسات والحرمات بدعم أوروبي وامريكي دون حسيب ورقيب قابلها التزام القيادات العربية كما في كل مرة بذات النهج في استنكار العدوان في العلن ودعمه في الخفاء بل تعمدت بوقاحة ان تفتتح سفارات وقنصليات إسرائيلية في عواصم عربية ومحاولات جادة للتطبيع وهذا بحد ذاته لا يتيح لهذه الدول ان تتحدث عن القضية الفلسطينية او تبني معاناة الفلسطينيين الذين يواجهون كل يوم القتل بالمئات امام مرأى ومسمع المتصهينين الجدد دون وازع اخلاقي .
ليختلف من يختلف مع الإيرانيين في العقائد وفي وجهات النظر السياسية لكن على الجميع ان يكون على قدر كبير من الانصاف والمسؤولية ومعاضدة القرار الإيراني وغيره في الرد من باب أضعف الإيمان لأنه يمثل صورة جديدة في التحدي للمشاريع الإسرائيلية في المنطقة ويوقف تطلعاتها وممارساتها والسؤال الموضوعي هنا: ما هو المانع في ان تتحد مواقف كل قوى المنطقة على اختلاف توجهاتها الفكرية والعقائدية لتساند الإيرانيين وغيرهم في مواجهة الامتداد الإسرائيلي والتوسعة اليومية على حساب الفلسطينيين واراضيهم؟.
وإذ يرى البعض بان رد الإيرانيين كان بسبب استهداف قنصليتهم في دمشق فان هذا الاعتقاد ساذج لاعتبارات ان كل القيادات الايرانية التي استهدفتها صواريخ الإسرائيليين كانت تدافع عن مناطق عربية في سوريا يحاصرها داعش كذلك يشكل وجودها جزء من اليات الدفاع عن القضية الفلسطينية التي يعتقدها العرب والمسلمين قضيتهم المركزية، وشتان ما بين مدافع عنها يشكك في نياته وهو يضرب بكل ما أوتي من قوة وبين متفرج يرى ويشاهد الدماء والإبادة اليومية دون ان يتحرك له جفن ويجيد فقط تسقيط الاخرين رغم انه يرى في نفسه صاحب قضية .
بنظرة موضوعية للأحداث لاي متبصر يدرك اهمية الردع ضد الإسرائيليين بكل الوسائل المتاحة من اي جهة كانت ،والتشكيك والتشفي بالإيرانيين رغم ما شاهده العالم من رد عسكري هائل يخرج عن دائرة الحياد والمهنية بل هو اشبه بالوقوف على التل لصالح الصهاينة ويجعل الافكار تذهب بعيدا" من ان هناك اهداف وقصدية في وجهات النظر المشككة بالضربة الإيرانية ترتبط بأجندة سياسية بعد ان كان لزاما" علينا مباركتها ولو بكلمة حق، انصافا" لفلسطين التي تركها العرب ليمارسوا التطبيع والتدليس خوفا" على مناصبهم وكراسيهم الخاوية وقالوا: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.