16/05/2024

خليجي البصرة .. عودة الروح

هادي عبد الله

12/01/2023
تكبير الخط
تصغير الخط


بالسؤال عن سر هذا الابهار الذي أحاطت هالته ردود أفعال الأشقاء وهم يعيشون دقائق خليجي البصرة بحساب الزمن وبحساب تفاصيل السلوك . أما الجواب في غاية البساطة فهو لأنها البصرة وكفى ، فللمدن هوياتها التي تظل ملازمة لها مع العمر ، قد تتغير بفعل ظرف قاهر بعض ملامح الهوية إلا انها سرعان ما تظهر مرة أخرى لحظة التحدي ، وخليجي 25 معركة تحد للبصرة المدينة، التي عُرفت انها مدينة العلم والأدب والفن والنفس الطيبة المعشر ، حتى ان أحد أشهر احيائها العشَار اسم تعظيم للعشرة .
وكي تعرف المدينة لابد أن تتعرف على هويتها ، وهوية المدينة خيط ضوء تاريخ يمتد الى حاضر تعيشه ، وهذا الخيط يمشي بك الى عمالقة ليس أولهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي قيل فيه: “لم يكن بعد الصحابة أذكى من الخليل ولا أجمع لعلم العرب”  ( اسراء ياسين : اثر الفراهيدي في المذهب الكوفي : 13 ) , وليس آخرهم بدر شاكر السياب ، فاذا ذكرت البصرة ذُكر الجاحظ الذي ولد في البصرة ومات فيها ( 159 – 255 ه ) فهو العبقري الذي أوضحت الدراسات التي كتبت عنه على غزارتها وتنوعها واتساعها وعمقها ، جوانب مهمة من المواقف التي تشكل في مجموعها نظريات صائبة ، كشفت عن عبقرياته وتميزه في الكشف عن الكثير من الجوانب الإنسانية والفكرية والثقافية والأدبية ( د . هاني العمد : صورة البصرة في بخلاء الجاحظ :11 )
و يستهل العلامة الدكتور إبراهيم السامرائي كتابه “  من معجم الجاحظ “ قائلاً “هذا شيء من فيض ابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ الذي عرفته وأنا حدث صغير فأنست بأقواله ، وبارع حكمته ، وصائب رأيه ، ورأيت منذ زمان ان أتعقب لغته واستقرئ كتبه .. فوالله ما شيء أحب الى نفسي من عمل أسدي فيه للغة التنزيل ما قد صرفت اليه النفس منذ سنين طوال ( د . إبراهيم السامرائي : من معجم الجاحظ : 7 ) .. وانما نذكر الجاحظ لأنه فضلاً عن كل اشراقات عبقريته فأنه اول وأكمل من حدد هوية البصرة ونقلها الينا فكانت الأصل الذي لم يتغير .. فهو حتى في بخلائه كان عالماً منصفاً ..” جعل من كتابه وسيلة للارتفاع الى مستوى تقرير المعادلات العقلية والفنية للحياة دون أن ينتقص من البخلاء أو يسخر منهم .”
ولأن هويات المدن هي انعكاس لسلوك أهلها بما ينطوي عليه من مفردات أصالة  يتوارثها الأبناء عن الآباء ، فالسلوك البصري هو الذي جذب الأشقاء وهو الذي أعاد الروح ليس الى البطولة المنسية فحسب ، بل أعاد الروح الى صلات الأخوة التي خيل لكثيرين بفعل مكر الليل والنهار وضغط  “ الأجانب “ انها قد تهرأت وانها لم تعد توصل ما أمر الله تعالى به أن يوصل ، فالبصرة التي أسسها عتبة بن غزوان سنة 14 ه 634 م ، ولدت عربية خالصة فجذبت من الحجاز ونجد واليمن ، ـ ثم من بقاع أخرى ـ ناسا كثيرين ، وفي البصرة بيوتات بدوية انحدرت من الجزيرة ..( د هاني العمد : 19 )
ان هذا الاسترسال يقودنا الى سر من أسرار الابهار البصراوي للأشقاء ، في خليجي 25 ، فما أسهل التعليل وذلك : لأنهم أشقاء اجتمعوا بعد طول فراق ..
أليس في هذا فارق لخليجي البصرة على من سبقها من أخواتها من الدورات  .. ألم تعد الروح لعلاقة الأخوة الخليجية بمعناها الأعمق ، سواء أدرك ذلك المنظمون أم لم يدركوا ؟ انها حركة التاريخ وتداول الأيام بمشيئة العزيز الحكيم .. وما زال الجاحظ معنا ونحن معه وخليجي البصرة وأسرار جمالها.

المزيد من مقالات الكاتب

الأكثر قراءة