21/05/2024

الزلزال المدمر .. مشاهد مروعة وقصص مأساوية

يحيى الزيدي

22/02/2023
تكبير الخط
تصغير الخط

هزاتٌ عنيفةٌ وصراخٌ وأنينٌ، ومشاهدُ مروعةٌ، وقصصٌ مأساويةٌ، كل ذلك خلّفه الزلزال الذي ضربَ تركيا وسوريا فجر الاثنين السادس من شباط الحالي.
 الزلزالُ المُدمر أودى بحياةِ أكثر من 46 ألفَ قتيلٍ في تركيا وسوريا، ولا تزال مئات العائلات تحت الأنقاض.
نعم.. يقف الإنسانُ منا حائراً مندهشاً من رهبةِ المنظر، ويشعر بالضعفِ، فلا يستطيعُ أن يقدمَ شيئاً أمام الآلاف من البشر سوى أن يتوجهَ إلى الله بالدعاء.
دموعنا سالت من دون أن نشعرَ بها، وقلوبنا امتلأت حزناً من شدةِ الحدث، لاسيما أننا نعِدّ يومياً تقريراً إخبارياً مفصلاً عن الزلزال المدمر.
الأخبارُ حزينةٌ لأنها تتضمنُ أعدادَ الضحايا والمُصابين، وانهيار المباني واحدٌ تلو الآخر، والقصصُ المُؤثرة والأليمة التي تتكررُ بشكلٍ يومي.
أقسم أن الزلزال وحّدنا عندما فرضَ علينا أن نفكرَ ملياً في أهدافِ حياتنا، فدماءُ الأتراك اختلطت بدماءِ السوريين في المباني التي انهارت من شدةِ الزلزال، وتحت الأنقاضِ التقت الأرواحُ قبلَ أن تصعدَ إلى بارئها، ووقفَ التركي والسوري يبحثان عن أحبابهما تحت المباني المنهارة التي كانت يوماً ما جميلةً وتأوي الجميع، ويعملان بكل شجاعةٍ لإنقاذِ المُصابين والأطفال والنساء بعد مرور عشراتِ الساعات وهم تحت الأنقاض.
ونحن نشاهدُ فرقَ الإنقاذ وهي تخرجُ الضحايا نتساءلُ: هل هذه الضحيةُ تركية أم سورية.. وهل هذا الطفلُ تركي أم عربي؟
وبعد كل هذا سمعنا عدة قصصٍ مأساويةٍ، ومعجزات ربانية بعد ساعاتٍ وأيامٍ من حدوثِ الزلزال المدمر.. ففي مقطعٍ مُصورٍ، ظهرَ سوري من مدينةِ جنديرس في ريف حلب الشمالي، يبكي بحرقةٍ بعد أن فقدَ 12 فرداً من عائلته جرّاء الزلزال، قائلاً "الحمد لله على كل حال".
ونشرَ حسابُ صحيفة "تركيا اليوم" (Turkey Today)  على إنستغرام صورةً لطفلةٍ تدعى (رغد إسماعيل) خرجت من تحت الأنقاضِ لتجدَ عائلتها قد فارقت الحياة.
وفي تغريدةٍ، حكى (عدنان جان) مأساةَ أحد أقاربه ممن غادروا إسطنبول إلى أنطاكيا قبل يومٍ واحدٍ من وقوعِ الزلزال، لتموتَ الزوجةُ وينجو الأبُ مع أطفاله بأعجوبة.
وفي كهرمان مرعش خرجَ طفلٌ من تحت الأنقاضِ بعد 30 ساعةً من انهيارِ المنزل باحثاً عن عائلته.
وتحكي سيدةٌ عن شقيقةِ زوجها التي حوصرت في منزلها مع ابنتها البالغة من العمر عشرة أشهر، بين ذراعيها، وفي الليلةِ الأولى تمكنت عائلتها من التحدثِ إليها عبر الأنقاض، وكانوا ينتظرون وصولَ المُساعدة، حتى يتمكن أحدهم من إخراجهم، واتصلوا بالجميع وفعلوا كلَ ما يخطر في بالهم، لكن لم يأتِ أحدٌ، وانخفضت درجاتُ الحرارة إلى أقل من درجةِ التجمد، وبدأ المطرٌ في الهطول، وبعد 24 ساعةً صرخت الأمُ بأنَّ طفلها لا يفيق.. وفي النهايةِ، انتُشِلَت الأم وهي على قيدِ الحياة، بينما لا تزال تحمل طفلها الميت.
ومن القصصِ والمُعجزات.. فبعدَ مرور 12 يوماً على الزلزالِ استطاعت فرقُ الإنقاذ أن تخرجَ الأحياءَ من تحت الأنقاض.
وأفادت قناة TRT Haber التركيّة بأنه تمّ إنقاذ شخصين في محافظةِ هاتاي التركية بعد 296 ساعةً على الزلزالِ المُدمر الذي ضربَ شمالَ سوريا وجنوب تركيا.
أما الوفيات.. أمٌ مع أبنائها وأبٌ مع أطفاله وأخٌ مع إخوته في حفرةٍ واحدةٍ، عوائلُ كاملةٌ انتقلت إلى بارئها ولم يبقَ منها سوى طفل يتيم، هنا أعجز عن وصفِ المشهد بقدرِ عجزي عن التعبير.
لكن في الوقت نفسه أذكر موقفاً كنت أتمنى أن لا أسمعه .. الموقف هو إنه قبل الزلزال بأيامٍ كان صاحبُ مُلكٍ يطالب المؤجرين بزيادةِ الإيجار الشهري، والناسُ يطالبونه بالعدولِ عن طلبه، وعندما انهارت المباني، أصبح المؤجرُ والمستأجر في خيمةٍ واحدة.
وفي الختام أقول.. شُكراً لكل الدول وفرق الإنقاذ التي وقفت وقفةً مشرفةً مع الحدث الأليم، وساعدت العوائل، وأخرجت الضحايا، وأنقذت الكثيرَ من الرجال والنساء والأطفال.. اللهم ارحم الشهداءَ وشافي الجرحى، واحفظ الأطفال الأيتام ونجهم، إنك على كل شيء قدير.

المزيد من مقالات الكاتب

الأكثر قراءة