16/05/2024

الإيثار مع ارتفاع الدولار

يحيى الزيدي

08/02/2023
تكبير الخط
تصغير الخط


منذ أيام يعيش العراقيون الكرام ازمة « ارتفاع سعر صرف الدولار» الخانقة، التي أثرت بشكل كبير على نفسيتهم وقوتهم اليومي، الامر الذي ولد الكثير من المعاناة الحقيقية لديهم.
اقول .. منذ أن أصدر البنك المركزي العراقي، في 20 كانون الأول/ 2020، قراراً بخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي، وتحويل سعر الدولار الواحد من 1180 الى 1460 دينارا، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والدواجن ومقطعات الدجاج وبيض المائدة والادوية والمستلزمات الطبية والمواد الانشائية وقطع الغيار، وكافة المواد في الأسواق العراقية، بنسب متصاعدة، فضلا عن ارتفاع جميع المواد التجارية لتصل إلى الارتفاع الكبير الأخير الذي جاء ليؤكد تذمر المواطن من الغلاء الحاصل في البلد الذي يعاني من مشاكل معقدة.
لكن ارتفاع سعر صرف الدولار مؤخرا من 1460 الى مايقارب 1650 أحدث ارباكا كبيرا لدى المواطنين، وأخذت الاسعار في البلد ترتفع يوما بعد الاخر ، رغم اجراءات الحكومة الصارمة بحق المتلاعبين، فضلا عن توفيرها للدولار في المصارف  والمطارات بسعر مدعوم لمن يرغب بالسفر.
لكن الغريب في الامر ان بعض اصحاب المحال التجارية ، وأصحاب المهن أصبح يجتهد ويرفع بالاسعار حسب رغبته، ولا يهتم بامر الناس، ويتخذ من ارتفاع سعر الصرف ذريعة للبيع باسعار مرتفعة.
هنا استذكرت « الإيثار» في مثل هكذا ظروف يمر فيها البلد والمواطن الكريم.
الإيثار..هو تفضيل المرء غيرَه على نفسه، وأن يقدم الإنسان حاجة غيره من الناس على حاجته، برغم احتياجه لما يبذله، فقد يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروي سواه، ويتعب ليريح آخر.
والإيثار هو عكس الأنانية، ويختلف في معناه عن الولاء أو الواجب.
ومفهومه يتمركز حول الدوافع التي تقود لـ «عمل الخير» للآخرين دون مقابل، بينما يتمركز مفهوم الواجب حول الإلتزام الأخلاقي أو المهني تجاه شخص ما، أو مؤسسة أو مفهوم مجرد (كالواجب الوطني).
يقول رسولنا الكريم محمد الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ان أعلى درجات الإيثار رضا الله على رضا غيره، وإن عظمت فيه المحن وثقلت فيه المؤن.
ومن ثمار الإيثار الرائعة ..انتشار التعاون والتعاضد بين ابناء البلد، وشعور الفرد خاصة «المحتاج» أن ابناء جلدته لحمةً واحدة وكيان واحد، وهذا الكلام ينطبق تماما على الأسرة إذا مارس أفرادها هذا الخلق العظيم، فإنه ولابد سيزيد من الترابط بينهم.
عندما هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة، كانوا لا يحملون من متاع الحياة سوى ثيابهم البالية، وأجسادهم المنهكة، وثقتهم بموعود الله، فوقف الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم محدثًا الأنصار قائلًا لهم: (إخوانكم تركوا الأموال والأولاد، وجاءوكم لا يعرفون الزراعة، فهلا قاسمتموهم ؟) قالوا: نعم، يا رسول الله! نقسم الأموال بيننا وبينهم بالسوية، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : أوَ غير ذلك؟ قالوا: وما غير ذلك يا رسول الله؟ قال: (تقاسموهم الثمر، قالوا: نعم يا رسول الله، بم؟ قال: (بأن لكم الجنة). وفيهم نزل قول الله تعالى: ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ).
نعم هناك الكثير من صور الإيثار لا يستطيع أحد أن ينكرها، أو يقصيها، لانها ولدت معنا بالفطرة وتعايشت وتغذت بقيم ديننا الحنيف، وانسانية مجتمعنا الكريم.
ختاما أقول... ستنتهي ازمة ارتفاع سعر صرف الدولار آجلا ام عاجلا، وعندها سينظر بعضنا للاخر ماذا فعلنا لانفسنا ولغيرنا من أبناء بلدنا خلال أزمة الدولار في البلد؟.. هل كنا منصفين مع بعضنا، أم استغل بعضنا الآخر؟

المزيد من مقالات الكاتب

الأكثر قراءة