16/05/2024

دجلة الخير يحتضر .. فهل من منقذ؟

سعد محسن خليل

17/01/2023
تكبير الخط
تصغير الخط


هزتني مشاعر الغضب واغرورقت الدموع في عيني وأنا أرى نهر دجلة الخالد وهو يوشك ان يموت انتحارا ليس بإرادته بل بإرادة الغير جرّاء انخفاض مناسيبه عن السابق حتى يكاد يكون هذا النهر الخالد اشبه بساقية صغيرة بعد ان أضناه التعب والتغاضي من المسؤولين العراقيين دون حماية تحمي وجوده بعد ان ماتت امنياته في الجريان بتغندج في ارض طالما كانت أنيساً له حتى سميت في حينها ارض السواد.. نهر طالما تغنى فيه الشعراء، فقد ارتبط اسم الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري بنهر دجلة حين ناجاه بقصيدة اصبحت من اعظم قصائد الشاعر، حيث قال «يا دجلة الخير يا نبعا أفارقه على الكراهةِ بين الحين والحين اني وردت عيون الماء صافية نبعا فنبعا فما كانت لترويني»، وتغنى شعراء اخرون بدجلة، وهناك من يبكي بصمت، واخرون مازالوا يعيشون تحت الصدمة صدمة موت دجلة والفرات واقولها بصدق ومن دون خوف من اي مسؤول إنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن موت دجلة والفرات، وسيكون موتهما عارا ما بعده عار يحاسب عليه امام التاريخ، وان أي إهمال في هذه القضية هو جريمة بحق العراق والعراقيين.. صحيح توجد محاولات لفتح منابع النهرين الخالدين في تركيا لكنها لا ترتقي الى مستوى الجدية فنحن كشعب تتغذى عروقه من هذين النهرين، وفي ضوء هذا وذاك لا نريد حلولا ترقيعية نريد حلولا عملية، وجادة تنقذنا من هذا البلاء حتى لو استوجب الامر الدخول في حرب ليس عسكرية -لا سامح الله- بل حرب ربما تكون سياسية او اقتصادية لاسيما وان تركيا تعاني من مشاكل مع عناصر معارضة لها تتهمها انها تنطلق من شمال العراق، وقد تكون هذه المشاكل عنصر ضغط عليها علما أن النفط العراقي يشكل اهمية كبيرة بالنسبة لتركيا، فيما تواصل تركيا صادراتها الى العراق حيث اعلنت هيئة الاحصاء التركية ان العراق ثالث اكبر مستورد من تركيا، واشارت الى ان صادرات تركيا حتى شهر اب من عام ٢٠٢٢ بلغت اكثر من ٢١ مليار دولار بمعدل واحد مليار وسبعة ملايين دولار شهريا، والعجيب ان الحكومة العراقية ووسط هذه المهانة غير قادرة على التحرك والاستجارة لإنقاذ شعبها من التهلكة التي حتما إن استمر الحال ستجعل من أرضه أرضاً قاحلة لا يقوى البشر على العيش فيها، وربما يضطر شعب الرافدين الى لملمة حاجياته والهجرة غير المرغوب فيها الى بلاد الله قبل أن يصيبهم البلاء بموت من سمي العراق باسم هذين النهرين الخالدين بلاد الرافدين.. وثمة سؤال يطرح نفسه هو ما الحل؟.. والحل يكمن في دخول العراق مع تركيا بمفاوضات لحل المشكلة القائمة، لاسيما ان العراق يمتلك ملفات مهمة على الجانب التركي من الممكن ان تكون عنصر ضغط لتنفيذ التزاماتها الدولية في تطبيق القانون الدولي بشأن احقية المياه بين الدول المتشاطئة، وهو حق كفله القانون الانساني لأنه يتعلق بمصير شعب يوشك ان يموت عطشا وهو مبدأ لا يمكن السكوت عنه بعد ان أوشك دجلة والفرات على الموت، وهي جريمة لا يمكن السكوت عنها، وإن غدر الغادرون.

المزيد من مقالات الكاتب

الأكثر قراءة