08/11/2024

أمُّ الموازنات

عبد الخالق حسن

15/06/2023
تكبير الخط
تصغير الخط

#عبد_الخالق_حسن

منذ أيام، لا حديث ولا صوت يعلو على حديث وصوت الموازنة. ابتدأت بصدمة كونها ثلاثية، واستمر الجدل حولها بعد أن تعطل التصويت عليها تحت ضغط الاتفاقات السياسية، والتوافقات الجانبية. لكن ما حصل منذ أيام في بيت التشريع، كان صادماً كثر. فالذي حصل أن الاتفاقات التي حكمت تشكيل الحكومة، بدءاً من وثيقة الاتفاق السياسي، مروراً بالمفاوضات العسيرة التي خاضتها الكتل السياسية، كلُّ هذا جرت تنحيته جانباً، واتجه النواب للتصويت على مواد الموازنة طبقاً للإطار القانوني وليس السياسي. ولعلَّ أبرز ما أفرزته جلسات التصويت هو ما تم إقراره في ما يخص المواد الخاصة بتنظيم العلاقات المالية مع إقليم كردستان. 
فالجميع توقع أن تمر مواد الموازنة الخاصة بالإقليم مثلما يريد ويرغب الحزب الديمقراطي 
الكردستاني. 
والذي حصل كان عكس كل هذه التوقعات. فالتعديلات المهمة التي أجرتها اللجنة المالية، اضطرت الحزب الديمقراطي إلى القبول بالموازنة، رغم أنها جاءت عكس رغباته. 
والأمر هنا لا يتعلق بمزاج وذوق شخصي أو تصفية حسابات من قبل نواب الوسط والجنوب، بل إن جميع الأحزاب الكردية الممثلة في مجلس النواب رحبت وباركت التعديلات، التي أجريت على المواد الخاصة بحصة الإقليم في الموازنة، بما تتضمنه هذه المواد من تسليم لصادرات النفط وخضوعها للتدقيق من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي.
واللافت هنا، هو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني بداً وحيداً ومعزولاً عن بقية الأحزاب، حتى أنَّه وصف ما حصل أثناء التصويت على مواد الموازنة الخاصة بالإقليم بأنَّه مؤامرة وخيانة ومحاولة لتهميش الإقليم وتحجيم صلاحياته. ومثل هذا الخطاب إنَّما يدل على عمق الأزمة التي تحيط بالحزب الديمقراطي الكردستاني داخل الإقليم وخارجه. 
وكان يفترض بالحزب، وهو المتمرس في السياسة، أن يرسم خططاً يتوقع بهز مآلات الأحداث، لا أنْ يعتمد على خطة واحدة للعمل 
السياسي.
الآن وقد تم إقرار الموازنة، فإنَّ المهم فيها هو الثمار التي ينتظر المواطنون قطفها من هذه الموازنة. 
لأنَّ أيَّ تلكؤ أو تراجع عن تنفيذ الوعود سيعرض ثقة الناس بالعملية السياسية إلى الاهتزاز أكثر، وهو كلام دائماً ما يكرره السيد رئيس مجلس الوزراء، الذي لا يخفي التصريح بهذا الأمر، وهو ما لمسناه من كلامه قبل أيام في الجلسة الطارئة الخاصة بتقييم تنفيذ البرنامج الحكومي. 
لهذا فإنَّه بعد إقرار هذه الموازنة الضخمة التي نستطيع تسميتها أمَّ الموازنات، لا عذر لمعتذر، في التلكؤ أو 
التقصير. 
فالعراقيون ملُّوا من الانتظار على دكَّة الصبر، وهم يستحقون أن تستنفر الحكومة بجميع مفاصلها لتعويضهم عمَّا فاتهم في السنوات السابقة.

المزيد من مقالات الكاتب

الأكثر قراءة