16/05/2024

العشوائيات.. أسبابٌ ونتائجُ وحلول

حسب الله يحيى

04/06/2023
تكبير الخط
تصغير الخط

#حسب_الله_يحيى
نحن نفهم كلمة (العشوائيات): أنها تعني كل خروج عن النظام، ومن ثم الوقوع في ما يطلق عليه الفوضى، التي لا ترضخ ولا تستجيب ولا تحتدم القوانين. القوانين والانظمة والتعليمات لم تسن حتى تبقى حبرا باهتا على ورق محترق، وإنما وجدت لكي تحترم، ولكي يتم التعامل معها على سنن تنظم حياة البشر وأعمالهم وسكنهم..
ومن دون قوانين ولا انظمة ولا تعليمات، تصبح كل الامور عشوائية وفوضوية، واذا ما حصل هذا ـ وقد حصل فعلا وعلى مستويات كبيرة ومختلفة ـ اصبحت الحياة لا تطاق، لأنها تتحول إلى حياة يسود فيها القوي على الضعيف، والفوضى على الاستقامة، والباطل على الحق، والظلم على العدل، والجاهل على العالم.
ولكن.. لبعض الناس أسبابهم، فهم بلا سكن، وليست مهمة الدولة أن تمنحهم بيوتا وهم كسالى لا يعملون، وهم يتجاوزون على الأراضي الزراعية، لانها مهملة لا تزرع بسبب الجفاف، والدولة ليست مصدرا للإرواء.
والباعة الجوالون. يملؤون الشوارع والأرصفة، والدولة لا تعنى بتنظيم ممرات الناس ولا حركة السير النظامي.
والمحال التجارية والأفران والمطاعم، يعدون كل فراغ امامهم، ملكا شرعيا لهم وحدهم، والدولة لا تلقي نظرة على ما يجري.
نقول ـ الدولة ـ ونعنيها، لأن الدولة ملزمة بدستور يعطي للحكومة وللبرلمان وللقضاء كل حقه، وكل نظامه وكل صلاحياته.. غير أنها جميعا تعمل ولكن بالحد الادنى من العمل الحازم والمطلوب تنفيذه.
ولا نعني بالحزم، أن نقود الناس إلى المحاكم والسجون، أو التدمير أو التهجير أو التشريد.. هذه اساليب قمعية مدانة وليست حلولا.
الناس لا يلجؤون إلى تجاوز الانظمة بطرا ولا جزافا ولا مزاحا ولا مزاجا ولا تحديا..
إن الحاجة الماسة والضرورية، هي التي تلجئ الناس إلى هذا التجاوز.
فهل وفرت الدولة قوانين تحقق للمواطن آماله وطموحاته في العيش الآمن المستقر، وهل وفرت له سلاما وعملا وعلاجا وتعليما وعدلا ومساواة.. هل؟
نعم الدولة تزرع وتحصد، وخريجو كلية الزراعة ماهرون ولهم خبرة، وللفلاحين كل الاستعداد للعمل.التعاونيات الزراعية ممكنة، وتوزيع أراضٍي زراعية لخريجي الزراعة ممكنة ايضا..
وماء المطر وحفر الابار.. يمكن أن يسدا الحاجة في ظل ازمة مياه حادة، لا تعاقب فيها الدولة العراقية الدول المتشاطئة عن استيراد البضائع منها.. وهو ممكن وليس بالعسير.. وأراضي العراق شاسعة والتوزيع ممكن بعد توزيع الماء والكهرباء ـ وهما عصيان على الحل منذ عقدين من الزمن ـ يمكن أن يتحقق هذا، ودعم من يبني بالتقسيط المريح، أو بناء أحياء سكنية تباع بالتقسيط كذلك، وعدم السماح بالشراء لمن يملك سكنا أو يملك مالا اكتسبه في غفلة ممن الزمن.
وفي المواصلات وتيسير حياة الناس.. لا بد من الاشادة بقرار رفع الحواجز ورفع التجاوزات على كل ما من شأنه أن يخلَّ بالنظام.. ومثل هذا الرفع لا يتم على غفله ولا لحظة اجراء عاجل وغاضب.. هناك قدرة على بناء محال صغيرة منظمة، يمكن تأجيرها للباعة غير النظاميين.. الامر لا يتطلب خطوة خمسينية، وإنما اجراء يمكن انجازه خلال ايام، وشهر عسل الحكومة محترم
ومقبول.
والدولة - اية دولة - لكي تكون محبوبة وموثوقا بها، يفترض أن تنجز وتحقق وتنفذ ما وعدت به الناس، لا أن نعدَّ الحزم وحده هو الحل.
الحزم مع العدل مطلوب، والاجراء المنصف المقرون بالثوابت لا بالاجراءات، التي تظهر فجأة وتغيب بعد حين.
الناس لا يستجيبون للحظة غضب ولا الحزم العاجل. المطلوب توفير كل السبل الواقعية للحل، شرط أن يتم الالتزام بها، وعندئذ يكون اجراء يخلو من التعسف ويصبح في صميم الواقع نفسه.
نعم.. العشوائيات مدانة ومرفوضة.. ولها اسبابها المنطقية وغير المنطقية. ولكن الدولة قادرة على وضع حلول مقبولة من الجميع، وليس بمقدور احد التجاوز عليها ورفض تنفيذها.. وعندئذ يكون قانون الحزم هو السبيل الوحيد، وذلك بعد ان تكون كل الحلول متوفرة ومقبولة يرضى بها الكل.

المزيد من مقالات الكاتب

الأكثر قراءة