16/05/2024

أمنُنا المائي

عبد الخالق حسن

09/03/2023
تكبير الخط
تصغير الخط

#عبد_الخالق_حسن

المناظر المرعبة والمخيفة والمؤسفة التي تأتينا في الأخبار، أو في ما ينقله الناشطون، عن ذبول الأنهر العراقية الصغيرة المتفرعة عن دجلة والفرات، بل حتى القحط الذي أصاب النهرين الخالدين اللذين ارتبطا بالعراق منذ آلاف السنين، هذه المناظر تكشف عن حقيقة واحدة مفادها، بأنَّ أمننا المائي بات اليوم تحت مستوى تهديد لا يمكن تجاهله أو السكوت 
عليه.
مأزق العراق مع المياه ابتدأ منذ ثمانينيات القرن الماضي، حين شرعت تركيا ببناء مجموعات صغيرة وكبيرة من السدود، التي قللت التدفق المائي بشكل ملحوظ. 
حينها، ولاحقاً، كان العراق منشغلاً بمغامرات الدكتاتور الذي أهدر كل ثروة على حروب خرج منها العراق، محملاً بأعباء وتكاليف اقتصادية وبشرية، وتخريب للعلاقات بينه وبين دول المنبع للنهرين والروافد. ومع مثل هذه العلاقات المتشنجة، وانعدام النوايا الحسنة، ومع التصعيد المستمر في السلم والحرب، لم يكن للعراق الكثير من أوراق الضغط التي يمكن ان يستثمرها في ما يخص تقدير حصته المائية. لأن العراق كان يضعف سنة بعد أخرى، ويزداد عزلةً عن محيطه الإقليمي، وعن المجتمع الدولي، فضلاً عن أنَّ العالم بدأ يعاني من المشكلات التي خلفها الاستعمال السيئ للموارد، وهو ما كانت الأمم المتحدة دقت معه ناقوس الخطر سنة 1992، حين انعقدت ( قمة الأرض) بمشاركة غير مسبوقة من قبل وصلت إلى (172) دولة، شاركت (108) دول منها برؤساء جمهورياتها، في حين كان العراق وقتها ما زال يداوي جراح حرب تحرير الكويت، التي عصفت به وهدمت كل شيء فيه.
اليوم، وقد بلغت أزمة شح المياه في العراق حداً وصل إلى جفاف الكثير من الأنهر الداخلية المتفرعة من دجلة والفرات، فضلا عن الكارثة التي أصابت الأهوار، وجعلتها تضمحل وتجف، بعد كانت بيئة مستمرة منذ آلاف السنين، صار واجباً التفكير بطرق تجعل تعويض خساراتنا المائية أمرا واجب التحقق. فالاكتفاء بإلقاء اللوم على دول الجوار لن يسهم في حل أزمتنا، ولن يبعد الخطر عنا، ولن يجد تفاعلاً لا من دول الجوار ولا من المجتمع الدولي. الأفضل هو التركيز على مسألة مكافحة التصحر، والاستعانة ببرامج تحسين البيئة التي تقدم اموالاً سخية من قبل الأمم المتحدة، بشرط تحويل هذه البرامج إلى واقع ملموس يرفع مؤشرات الاستجابة، حتى نكون مقنعين بأنفسنا وللمسهمين في مساعدتنا.
بغير هذا، يظل أمننا المائي مهدداً ما دمنا غير مكترثين لمعالجة مشكلاته.

المزيد من مقالات الكاتب

الأكثر قراءة