الزلزال هزّة أرضية تنشأ تحت سطح الارض ، وزلزال تعني في اللغة البليّة والمصيبة الشديدة ، وجمعها زلازل .
ما حصل في تركيا وسوريا فجيعة تخلع القلب ، ونكبة تثير الحزن نتيجة الخراب والدمار الذي طال الارواح البريئة والمباني ، والضرر الفادح الذي لحق عشرات الآلاف من المواطنين بين قتيل وجريح ومفقود ، وجعلنا لا نملك غير الدعاء بالرحمة لمن غادروا الحياة ، والشفاء العاجل للجرحى ، والأمل في العثور على المفقودين .
أطفال ونساء ، وشيوخ وشباب أصبحوا تحت الركام خلال دقائق معدودات مخلفين وراءهم أكداسا من صور الضياع والتشرد والحرمان .
وإذا كان الزلزال هزّة تشمل بقعة من الارض ، أو تستهدف بلدا من البلدان فهناك هزة أكبر وأشمل وأعمق ، تلك الهزّة الكبرى التي ذكرها القرآن الكريم في سورة الزلزلة والتي تصف مشهد القيامة : ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ، وأخرجت الأرض أثقالها ، وقال الانسان ما لها ، يومئذ تحدث أخبارها ، بأنّ ربك أوحى لها ).. مشهد يهز المشاعر من الاعماق ، ويطيح بالثوابت من الجذور .
وما دمنا بصدد الحديث عن الهزّات والزلازل ، فهناك هزّات لا تستهدف الارض وحدها ، زلازل تستهدف الفقراء والمساكين وزجهم في حروب دامية ولغايات دنيئة ، تحرق الأخضر واليابس ، وتطيح بآمال الشعوب وتطلعاتها ، وتدمر كل منابع الخير الرامية الى خلق حياة قائمة على الامن والامان والاستقرار ، وهزّات سياسية غيرت الكثير من خريطة الحياة ضمن الرقعة الجغرافية التي وقعت فيها ، بعضها كان مفبركا ، والبعض الآخر منها كان انفجارا نتيجة الظلم الذي وقع على الشعب ، ولا نريد ذكر هذه الهزّات خوفا من هزّة تطيح بصلعتي ، إلا ان كتاب الصحفي الكبير المرحوم محمد حسنين هيكل الموسوم بالزلزال السوفيتي ما زال مصدرا من مصادر معرفة هذا النوع من الزلازل .
الهزّات كثيرة عبر التاريخ الانساني الطويل ، بعضها هزّات تبعث على الحزن والألم ، وبعضها ما يبعث على الفخر عندما تنهض الشعوب لتحدث هزّات تحقق من خلالها ما تصبو اليه .
ما حدث في سوريا وتركيا فجيعة كبيرة وكارثة الحقت الضرر الفادح بالأبرياء من الناس ، وخلقت مشاهد أغرقتنا بالحزن عند مشاهدتها .
اللهم ربي ، رب العزة والجلالة ، انزل رحمتك على ضحايا الزلزال الذي حدث في سوريا وتركيا ، وانزل غضبك على كل متغطرس ومتفرعن عاثَ في الارض فسادا ، وساهمَ في سرقة ثروات الشعوب ، واحتل الاوطان بغير وجه حق .
ما يحدث الآن وما حدث سابقا فيه من الدروس البليغة لكل ذي عقل سليم ، وفيه الكثير من الصفعات للجبابرة الذين اعتقدوا واهمين انهم باقون دون ان ينالهم الموت ، وصدق من قال : ما أكثر المواعظ وما أقل المتعظين .
إلى اللقاء ...