28/03/2024

حزم البنك المركزي الجديدة.. رضوخ للإرادة الأمريكية أم حلول حقيقة لأزمة الدولار؟

تقارير

10:39 - 2023-03-16
تكبير الخط
تصغير الخط

آن نيوز - بغداد
عدّ متخصصون بالاقتصاد، حزم إجراءات البنك المركزي، الخاصة بتنظيم عملية بيع الدولار، بـ"الترقيعية"، نظرا لاستمرار ارتفاعه بالسوق المحلية، حتى بلغ الفرق مقارنة بالسعر الرسمي نحو 27 ألف دينار (نحو 20 دولارا) مقابل الورقة الواحدة فئة 100 دولار، وفيما طالبوا بالتوجه لحل مسألة التجار الصغار وإنهاء اعتمادهم على الحوالات "السود" التي تتسبب بارتفاع سعر الدولار، كشف مصدر بالبنك المركزي، أن هذه الحزم تصدر امتثالا لإجراءات البنك الفيدرالي الأمريكي، بل هناك حزم أخرى ستصدر قريباً أيضا.

ويقول الخبير الاقتصادي، ناصر الكناني، خلال حديث تابعته (آن نيوز)، إن "كل الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي عبر حزمته الثالثة، ترقيعية، ولا ترقى إلى حلول حقيقية لأزمة الدولار التي يمر بها العراق منذ أشهر، وبعض إجراءات تلك الحزم ليست هادفة، وربما تكون جزءا من الأزمة وليس الحل، خصوصاً المتعلقة بقضية بيع الدولار للمسافرين".

ويضيف الكناني، أن "هناك استغلالا في قضية بيع الدولار للمسافرين، فهناك فرق بـ27 نقطة بين السعر الموازي والسعر الرسمي، ويوميا لدينا ما يقارب 15 ألف مسافر، وهذا يعني أن ما يقارب 100 مليون دولار تهرب من البلد يوميا، ولذا فالبنك المركزي عاد الآن لمنح 2000 دولار فقط لكل مسافر من أجل تقليل الأموال المهربة للخارج عبر المسافرين".

ويشير إلى أن "الحل للسيطرة على سعر صرف الدولار، يكون عبر منع أي تعامل بالدولار في السوق المحلي بكافة المجالات كالسيارات أو العقارات وغيرها، وتكون هناك محاسبة لأي تعامل بالدولار، وهذا الأمر موجود بكافة الدول، حيث يمنع التعامل بغير العملة المحلية، فهنا يمكن السيطرة على سعر الصرف، كون المواطن لا يحتاج إلى الدولار بشكل أساسي".

ويتابع الخبير الاقتصادي، أن "من ضمن الحلول، حصر الاستيراد بوزارة التجارة ووزارة الصحة، والجهات القطاعية الحكومية الرسمية، ويكون تعاملها مع التجار وفق الدينار العراقي، فبقاء الاستيراد خارج إدارة الدولة هو جزء من أزمة الدولار وأزمة ارتفاع الأسعار في السوق المحلي".

وكان البنك المركزي العراقي، أصدر أمس الأول، الحزمة الثالثة لتسهيل إجراءات الحصول على الدولار، وفيها قرر: احتساب سعر الصرف الرسمي البالغ 1320 دينارا لكل دولار عن طريق بطاقة الدفع الإلكتروني المصدّرة من الجهات المرخّصة عند استخدامها في الخارج، وعلى النحو الآتي: البطاقات مسبقة الدفع (المعبأة) Prepaid Cards، وهي غير مرتبطة بحساب مصرفي، ما يجعلها في متناول اليد، وبسقف قدره (10,000) دولار قابلة لإعادة التعبئة، والبطاقات الدائنة (Credit Cards)، وبالسقف الذي يحدده المصرف بحسب تصنيفه للزبون (Gold, Silver, Platinum)، مع إمكانية تعزيز ما تمّ استخدامه منه لاحقًا، بطاقات الدفع المدينة (Debit Card)، وهي مرتبطة بحساب الزبون لدى المصرف (بضمنها الرواتب الموطّنة) والتي يمكن استخدامها للدفع بالدولار بحسب رصيد الزبون لدى المصرف، وعلى أساس سعر الصرف الرسمي للدولار.

كما تضمنت: ستكون حصة المسافر من الدولار النقدي بواقع 2000 دولار ابتداءً من يوم الأحد المقبل، مع إمكانية استخدام البطاقات المذكورة بما يتيح للمواطنين تغطية طلباتهم من الدولار، وستستمر مبيعات البنك المركزي العراقي اليومية من الدولار النقدي على مستوياتها دون تخفيض، إلى المصارف وشركات الصرافة وشركات التوسط ببيع وشراء العملة الأجنبية المجازة، لغرض تأمين طلبات المواطنين للأغراض المبلّغ بها.

يذكر أنه في الفترة الأخيرة، برزت ظاهرة سفر المواطنين بغية الحصول على الدولار فقط، بعد أن كان مسموح لهم بـ7 آلاف دولار، يحصلون عليها من منافذ المصارف الرسمية في مطار بغداد الدولي، وهو ما أستغل من شركات ورؤوس أموال، حيث جرى تسفير أشخاص لمدة يوم واحد بغية الحصول على المبلغ فقط، نظرا لوصول فرقه عن سعر السوق بما يصل إلى 1000 دولار.

وما يزال سعر صرف الدولار في السوق المحلية، يتراوح بين 153 – 158 ألف دينار لكل مائة دولار، فيما يبلغ سعره الرسمي 132 ألف دينار لكل مائة دولار.

وكان البنك المركزي، أصدر منتصف الشهر الماضي، الحزمة الثانية من الإجراءات الخاصة بالحوالات وبيع الدولار، وتضمنت: تنظيم تمويل التجارة الخارجية من الصين بشكل مباشر وبعملة اليوان الصيني، تقديم تسهيلات للتحويلات المالية إلى الولايات المتحدة وأوروبا بالآلية نفسها لاحقًا، الوثائق المطلوبة للتقديم للتحويلات المالية الخارجية المذكورة آنفًا: قائمة (فاتورة) تجارية فقط، أو أوّليات الاعتماد المستندي، على أن يُقدّم الزبون للمصرف لاحقًا ما يثبت دخول البضاعة.

ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام "سويفت" المالي الدولي.

من جهته، يرى الباحث والمتخصص في الشأن المالي، نبيل جبار التميمي، أن "حزم الإصلاح الثالثة للبنك المركزي، ليست حلولا لأزمة الدولار، إنما هي عملية تنظيم للعمل المصرفي في العراق، فهناك شيء أساسي تفتقده حزم الإصلاح وهي إيجاد حلول لحوالات صغار التجار، فهذه الحوالات هي السبب الرئيسي في بقاء الدولار مرتفعا في السوق المحلي".

ويبين التميمي، أن "هؤلاء التجار، مازالوا يعملون وفق نظام الحوالات السوداء لغرض استيراد بعض البضائع من الخارج، وعدم حل هذه القضية يعني بقاء أزمة الدولار مستمرة دون أي حلول حقيقية، فالحلول تكون عبر إيجاد تسهيلات لحوالات صغار التجار، الذين يقومون يومياً بتحويل أكثر من (100) مليون دولار".

ويضيف أن "اغلب الأموال، التي كانت تخصص للمسافرين، خصوصاً بعد رفع سعرها لـ(7000) دولار، كانت تذهب لغرض الحوالات السوداء لصغار التجار، الذين يرفضون التعامل عبر المنصة بسبب الإجراءات والروتين، حتى وصل الأمر لتهريب الدولار عبر شركات السفر والسياحة، ولهذا نعتقد أن تقليل حصة الفرد المسافر لـ(2000) دولار، سوف يؤثر على سعر صرف الدولار، وربما يكون هناك ارتفاع، فهذا سيقلل من الدولار في السوق المحلي، الذي يستخدم للحوالات السوداء".

جدير بالذكر، أن البنك المركزي أعلن الشهر الماضي، عن اتفاقه مع المصرف الأمريكي الشهير، جي بي مورغان، على أن يكون وسيطا، لإيصال مبالغ التجار العراقيين إلى الصين وتغطية استيراداتهم، بعد أن كان البنك يتعامل مع مصارف في الإمارات والأردن، وبحسب تقرير "العالم الجديد" فأن الاتفاق الجديد سيحدّ من الفواتير المزورة التي كانت منفذا لتهريب العملة لخارج البلد.

وكان البنك المركزي، قرر الأسبوع الماضي، واستنادا إلى قرار مجلس الوزراء، أن تكون الخدمات المالية الالكترونية المقدمة داخل العراق من خلال "أجهزة الصراف الآلي، أجهزة نقاط البيع، بوابة الدفع الالكتروني"، بعملة الدينار العراقي.

أخبار ذات صلة

الأكثر قراءة